يُحْكَى أن القحط ضرب يوما احدى المناطق في بلاد الشام، وكان اهلها يعتمدون على
الزراعة، ومع انحباس المطر لفترة طويلة، لم تعد تنبت الحبوب والفواكه، حتى العشب لرعي
مواشيهم فقدت. فاجتمع شخصان من إحدى القرى الجائعة وقرروا السفر الى قرية بعيدة
فيها خير كثير وعمل وفير يعتاشا منه، فسافرا على ظهر حمار لهما. الا ان الحمار توفي في
الطريق حينما شارفا الوصول الى تلك القرية. فضاقت بهما الأرض بعد أن أنهكهما الجوع
والعطش، فراودت أحدهما فكرة شريرة وهو أن يدفنا الحمار ويدعيان انهما دفنا رجلا صالحا
من أهل قريتهما، أوصى أن يدفن قريبا من أهل تلك القرية المجاورة، فيحتالان على أهلها
فيمدانهما بالطعام والشراب والمعونات. وما أن شرعا بدفن الحمار حتى مر بهم رجال من
القرية فقالا لهما : من دفنتم للتو هاهنا، فجهش الرجلان بالبكاء وملأت الدموع وجهيهما
المتعبين وتجمع عليهما كثير من رجال القرية وبعد أن هدأوا من روعهما وقدموا لهما الطعام
والشراب، توقفا عن البكاء وقالا للناس : هذا هو الشيخ زنكي من الصالحين في قريتنا ونحن
كنا نقوم على خدمته في حياته، وقد أوصانا أن ندفنه هنا بجانب قريتكم لأن بها كثيرا من
أهل الخير، فقريتنا قد عمها الفساد وكثر فيها الأشرار والعصاة فما أحب ان يدفن بين أهلها
فرح أهل القرية بذلك فاكرموا الرجلين وأغدقوا عليها الهبات والمساعدات، وقد عمد الرجلان
الى حبك الموضوع اكثر فأكثر، فابتنوا بعد ذلك فوق القبر مقاما، فصارت الناس تزوره وتترك
عنده التبرعات، فكانا يتقاسمان المال كل يوم آخر الليل. وذاع صيت الشيخ زنكي كثيرا حتى
بات الناس يحلفون باسمه فيقولون "وحياة الشيخ زنكي" ونحوها من الالفاظ الدالة على
التقدير والاحترام للشيخ الجليل المزعوم. وذات يوم، ذهب أحد الرجلين عند الصباح في مهمة
له وعاد في المساء، وطلب من صديقه أن يعطيه حصته من المال الذي جمع خلال النهار،
فأعطاه شيئا قليلا غير معتاد. فتجادلا حتى حلف الأول فقال لصاحبه : وحياة الشيح زنكي،
هذه حصتك كاملة من غير نقصان. فرد عليه الآخر : أوتقسم بالشيخ زنكي؟ أنسيت أننا
دفناه معا.
(ده احنا دافنينو سوا)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق