الثلاثاء، 16 أغسطس 2011

سلطان الأباريق





يُحْكَى أن رجلاً كانت وظيفته ومسؤوليته هي الاشراف على الأباريق لحمام عمومى
والتأكد من أنها مليئة بالماء بحيث يأتي الشخص ويأخذ أحد الأباريق ويقضي حاجته ثم يرجع الابريق الى صاحبنا، الذي يقوم باعادة ملئها للشخص التالي وهكذا.في إحدى المرات جاء شخص وكان مستعجلا فخطف أحد هذه الأباريق بصورة سريعة وانطلق نحو دورة المياه، فصرخ به مسؤول الأباريق بقوة وأمره بالعودة اليه فرجع الرجل على مضض،وأمره مسؤول الأباريق بأن يترك الإبريق الذي في يده ويأخذ آخر بجانبه،فأخذه الشخص ثم مضى لقضاء حاجته، وحين عاد لكي يسلم الإبريق سأل مسؤول الأباريق: لماذا أمرتني بالعودة وأخذ إبريق آخر مع أنه لا فرق بين الأباريق،فقال مسؤول الأباريق بِتعجب: إذن ما عملي هنا؟!


إن مسؤول الأباريق هذا يريد أن يشعر بأهميته وبأنه يستطيع أن يتحكم وأن يأمر وأن ينهى

مع أن طبيعة عمله لا تستلزم كل هذا ولا تحتاج الى التعقيد، ولكنه يريد أن يصبح سلطان الأباريق!إن سلطان الأباريق موجود بيننا وتجده أحياناً في الوزارات أو في المؤسسات أوفي الجامعات أو المدارس أو في المطارات، بل لعلك تجده في كل مكان تحتك فيه مع الناس!ألم يحدث معك، وأنت تقوم بانهاء معاملة تخصك، أن تتعطل معاملتك لا لسبب الا لأنكواجهت سلطان الأباريق الذي يقول لك: اترك معاملتك عندي وتعال بعد ساعتين،ثم يضعها على الرف وأنت تنظر، مع أنها لا تحتاج الا لمراجعة سريعة منهثم يحيلك الى الشخص الآخر، ولكن كيف يشعر بأهميته الا اذا تكدست عنده المعاملاتوتجمع حوله المراجعون.. انه سلطان الأباريق يبعث من جديد!إنها عقدة الشعور بالأهمية ومركب النقص بالقوة والتحكم بخلق الله!إن ثقافة سلطان الأباريق تنسحب أيضا على المدراء والوكلاء والوزراء..تجدها في مبادئهم حيث إنهم يؤمنون بالتجهم والشدة وتعقيد الأمور ومركزيتهالكي يوهموك بأنهم مهمون، وما علموا أن أهميتهم تنبع من كراسيهم أكثر من ذواتهم!!ولقد جاء في الحديث الشريف(اللهم من رفق بأمتي فارفق به ومن شق على أمتي فشق عليه) ،ولكنك تستغرب من ميل الناس الى الشدة والى التضييق على عباد الله في كل صغيرة وكبيرة،ولا نفكر بالرفق أو اللين أو خفض الجناح، بل نعتبرها من شيم الضعفاء!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق